اختلفوا في نزولها على قولين.أحدهما: أنها مكيَّة، رواه عطيّة عن ابن عباس، وهو قول الحسن، ومجاهد، وجابر بن زيد، وقتادة.والثاني: أنها مدنية، رواه عطاء عن ابن عباس، وهو قول مقاتل. وقيل: إنها مدنية، إِلا آية نزلت بمكة في عثمان بن طلحة حين أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منه مفاتيح الكعبة، فيسلِّمها إلى العباس، وهي قوله: {إِن اللهَ يأمُرُكُمْ أنْ تُؤدُّوا الأمَانَاتِ إلى أهْلِهَا} ذكره الماوردي.قوله تعالى: {اتقوا ربكم}. فيه قولان:أحدهما: أنه بمعنى الطاعة، قاله ابن عباس. والثاني: بمعنى الخشية. قاله مقاتل.والنفس الواحدة: آدم، وزوجها حواء ومِن في قوله: {وخلق منها} للتبعيض في قول الجمهور. وقال ابن بحر: منها، أي: من جنسها.واختلفوا أي وقت خلقت له، على قولين:أحدهما: أنها خلقت بعد دخوله الجنة، قاله ابن مسعود، وابن عباس.والثاني: قبل دخوله الجنة، قاله كعب الأحبار، ووهب، وابن إسحاق.قال ابن عباس: لما خلق الله آدم، ألقى عليه النوم، فخلق حواء من ضِلَع من أضلاعه اليُسرى، فلم تؤذه بشيء ولو وجد الأذى ما عطف عليها أبداً، فلما استيقظ؛ قيل: يا آدم ما هذه؟ قال: حواء.قوله تعالى: {وبثَّ منهما} قال الفراء: بثَّ: نشر، ومن العرب من يقول: أبث الله الخلق، ويقولون: بثثتك ما في نفسي، وأبثثتك.قوله تعالى: {الذي تساءلون به} قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والبرجمي، عن أبي بكر، عن عاصم. واليزيدي، وشجاع، والجعفي، وعبد الوارث. عن أبي عمرو: {تسّاءلون} بالتشديد. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي، وكثير من أصحاب أبي عمرو عنه بالتخفيف.قال الزجاج: الأصل: تتساءلون، فمن قرأ بالتشديد. أدغم التاء في السين، لقرب مكان هذه من هذه، ومن قرأ بالتخفيف، حذف التاء الثانية لاجتماع التاءين.وفي معنى {تساءلون به} ثلاثة أقوال.أحدها: تتعاطفون به، قاله ابن عباس. والثاني: تتعاقدون، وتتعاهدون به. قاله الضحاك، والربيع.والثالث: تطلبون حقوقكم به، قاله الزجاج.فأما قوله: {والأرحام} فالجمهور على نصب الميم على معنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، وفسّرها على هذا ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والسُّدّي، وابن زيد. وقرأ الحسن، وقتادة، والأعمش، وحمزة بخفض الميم على معنى: تساءلون به وبالأرحام، وفسرها على هذا الحسن، وعطاء، والنخعي.وقال الزجاج: الخفض في {الأرحام} خطأ في العربية لا يجوز إلا في اضطرار الشعر، وخطأ في الدين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحلفوا بآبائِكم» وذهب إلى نحو هذا الفرّاء، وقال ابن الأنباري: إِنما أراد، حمزة الخبر عن الأمر القديم الذي جرت عادتهم به، فالمعنى: الذي كنتم تساءلون به وبالأرحام في الجاهلية. قال أبو علي: من جر، عطف على الضمير المجرور بالباء، وهو ضعيف في القياس، قليل في الاستعمال، فترك الأخذ به أحسن.فأما الرقيب، فقال ابن عباس، ومجاهد: الرقيب: الحافظ. وقال الخطابي: هو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء، وهو في نعوت الآدميين الموكل بحفظ الشيء، المترصد له، المتحرز عن الغفلة فيه، يقال منه: رَقَبْتُ الشيء أرْقُبُه رِقْبَةً.